طارق سالم …
لااقصد بهذا العنوان الحديث عن الموت على أنه هادم اللذات ومفرق الجماعات كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكننى أتحدث عن نوع من البشر بالمجتمع أشد فرقة واكثر قسوة على القلوب والنفوس وتهدم متعتهم وملذاتهم بالحياة .
ولكن أحببت أن أشير إلى خلق غير سوى بين الناس تفشي بمجتمعنا كثيرا وأصبحت صفة مذمومة يشتكى منها المجتمع ويعتقد حاملها أنه على حق ويجتهد في نشر الفرقة والعمل على هدم لذة العمل المتقن والضمير الحى لدى العاملين معه بالمؤسسة أو الأصحاب والأقارب والحى والشارع والحقل ودائما ما يرمى بحجر في المياه الراكدة ليعكرها ويهيج سطحها وهو يبدوا متخفيا وراء حجاب خايب هش يعتقد أن لايراه أحد من اقرانه من العاملين معه في معظم مجالات الحياة لكى يحصل على منفعة ما أو منصب أو كرسى دنيوى أو شهادة نفاق أو حصد مال ليس له بحق أويكتسب شهرة زائفة تحدثه نفسه بها على أنها شجاعة وبطولة على فعله الضال وهو الفرقة وايضا لذة العمل الصالح وهو لا يعلم أنه بعمله هذا أكثر قساوة على المجتمع من الموت نفسه لأن المجتمع به راحة ولكنه بفعله شقاء وتعب وضغينة وكراهية .
مرة أخرى مع أخلاق هذا الدين العظيم فأعظم أزمة أصيبت بها البشرية اليوم أزمة الأخلاق وحديثنا اليوم عن خلق عظيم جليل به تنتشر المودة والمحبة وتحفظ الوحدة والألفة بين الناس وتزول الأحقاد والضغائن من النفوس وتصفوا القلوب من كل كراهية وبغضاء.
وأكثر الناس يغضبون لأجل الدنيا ولا يغضبون للدّين تنتهك حرمات الله تعالى فلا يتحرك قلب أحدهم ولكنه يغضب أشد الغضب إذا انتُقِصَ شيء من دنياه أو اعتُدِي على كرامته ولأجل ذلك تكثر الخصومة فيما بينهم بل قد تكون الخصومة على أمور حقيرة وأسباب تافهة ولكن الشيطان ينفخ فيها حتى تعظم في نفوس المتخاصمين .
الخصومة والنزاع والفرقة وهدم اللذات من سعي الشيطان للإنسان الكاره وكيدِه فهمه أن يزرع الأحقاد والضغائن في النفوس وأن ينشر الخلافات والنزاعات بين الناس
إن فسادَ ذات البين تحلق الدين تقضي عليه وتُذهِب بأجره وثوابه لأن النزاع والعناد والفرقة قد يؤديان إلى الفجور والعدوان والكذب والافتراء والغدر وإفشاء الأسرار وتلك علامات من علامات النفاق نعوذ بالله من النفاق ولنعلم أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا:
إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ».
أَيْ مَال عَنْ الْحَقّ وَقَالَ الْبَاطِل وَالْكَذِب.
ولو أننا راجعنا الوقائع وتصفحنا الحوادث لوجدنا أن كثيرا من المشاكل الاجتماعية ترجع في جملتها إلى ممن يسعون لنشر الفتنة والفرقة وهدم العمل الجاد ولذاته بين الناس فما اشتدّت الفتن ولا اشتعلت الحروب ولا أزهقت النفوس ولا بُدِّدت الأموال ولا قطِعت الأرحام ولا خُرّبت البيوت ولا مُزقت الجماعات إلا بسبب هؤلاء الجاهلين بدينهم وعملهم ووطنهم وتركوا الشرّ ينتشر حتى عمّ القريب والغريب وقضى على الأخضر واليابس وأهلك النفوس والأموال.
وتزول كل أسباب العداوة والخصومة والنزاع نه الصلح والإصلاح بين الناس.
وما أحوج الأمة اليوم إلى نبذ هؤلاء الذين يحملون هذه الخصلة البغيضة والمفرقة في زمن كثرت فيه الصراعات والنزاعات والهجر والقطيعة فلم يسلم منها الأقارب فيما بينه، ولا الجار مع جاره ولا الأصدقاء ولا الشركاء ولا من بالحقل معهم او حتى مع بلدهم ووطنهم .
إن القلوب تقسو وتغفل ولذلك لا بد من تعاهدها بالوعظ والتذكير والله عز وجل قد جعل أموراً كثيرة لنتعظ ولنتذكر منها المعنوية ومنها الحسية ومن هذه الأمور هادم اللذات ومفرق الجماعات
فمِن أخلاق الإسلام هو نشر المعروف والمحبة والصدق والاتحاد والقوة والعمل على الصلحُ بين الناس إذا تقاطعواوتفرقوا والصلح بين الناس إذا تهاجروا وقطع أسباب الضغائن والشحناء وقطع أسباب الفتن والبغضاء فإنها من أعظم الأمور المقربة إلى الله جل وعلا.
الذين يرفضون كل مبادرة للتخلص من هذه الصفات الغير أخلاقية من أهل الشر والفتنة بالمجتمع حتى من أصحاب العلم والفضل وكبار السن يُسوّل الشيطان لبعض الخبثاء من هؤلاء أن الإتحاد هزيمة ومذلة والفرقة انتصار وعِزة.
أما المؤمن الحق فهو على العكس من ذلك لا يحمل الغِلّ ولا الحقد ولا البغضاء، لسلامة صدره من ذلك، قلبُه أبيض ناصع لا يبيت وفي قلبه على مسلم شيء ولا يخرج عن العدل وقول الحق قدر أنملة منصفٌ فيما يقول ويُدْلي به سواء كان الخصم غائبًا أو حاضرًا يخشى الله في سِرّه وعَلنه لا يَهمه أمر البشر لأن إيمانه وخوفه من الله يَردَعه عن الوقوع فيما حرّم الله فهو ينتصب للدفاع عن نفسه ودفع الظلم عنه بالكلمة الصادقة والقول الحق العدل السديد.
فهيا معشر المسلمين إلى التلاحم والصفاء هلموا إلى هجر القطيعة وترك الضغينة إلى ركن الصداقة والإخاء حيث الصفاء والنقاءهلموا إلى سلامة الصدر وطهارة القلب فإنها من أفضل الأخلاق روعة وحسناً وأدعاها إلى ثبات الودّ والصفاء ودوام العهد على الوفاء سلامةٌ في العواقب وزيادة في المناقب راحة في البال وأنس في الحال انشراح في الصدر وطيب في العيش وفوق ذلك كله فوز وفلاح وسعادة وهناء وهداية وتوفيق ولذا كانت قليلة في الناس عظيمة عند الله ﴿ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ﴾..